فدل على أنه يجوز. ولأن اليمين تكون تارة على يقين وتارة على غلبة الظن.
فاليقين: أن يقرض إنسانا شيئا فينكره، فيحلف أنه أقرضه.
وغلبة الظن: أن يجد شيئا بخطه على إنسان ولا يعلم ذلك متى وقع، أو يجده بخط أبيه ويعلم أن أباه لا يكتب إلا بما كان له وأنه يمحو ما استوفاه.
وكذلك الرجل إذا وكل وكيلا يشتري له عبدا، فأتاه الوكيل بعبد فقال: قد اشتريت هذا، وجاء آخر وادعى ملكه وأنه غصبه منه.. فللموكل أن يقول: هو لي ويحلف عليه؛ لأنه يغلب على ظنه صدق الوكيل.
وإن ادعى على رجل قتل رجل عمدا وهناك لوث، فقيل له: صف العمد، فوصفه بالخطأ المحض أو بعمد الخطأ.. فقد نقل المزني: (أنه لا يقسم) . ونقل الربيع: (أنه يقسم) . واختلف أصحابنا فيه: فمنهم من قال: فيه قولان:
أحدهما: ليس له أن يقسم؛ لأنه إذا ادعى قتل العمد.. فقد أقر ببراءة العصبة، وإذا وصفه بالخطأ أو بعمد الخطأ.. فقد أقر ببراءة المدعى عليه.
والثاني: أن له أن يقسم على ما فسره؛ لأن دعواه قد تحددت بذلك، وليس إذا اعتقد في الخطأ أو عمد الخطأ أنه عمد تبطل دعواه؛ لأن ذلك قد يشتبه عليه.
ومنهم من قال: يقسم قولا واحدا؛ لما ذكرناه. وحيث قال: (لا يقسم) أراد: على ما ادعاه.
وإن ادعى على رجل أنه قتل وليه وهناك لوث، فلم يسأله الحاكم عن صفة القتل ثم حلفه قبل ذلك.. لم تصح هذه الأيمان؛ لأن الأيمان قبل وقتها لا يعتد بها، كما لو حلف المدعى عليه قبل أن يسأله المدعي تحليفه.