وأما إذا شهدا أنه لم يقتله وأطلقا.. لم يبطل اللوث، لأن الشهادة على النفي لا تصح. وإن قالا: ما قتله هذا، وإنما قتله فلان.. بطل اللوث ووجب رد الدية؛ لأن هذه الشهادة تضمنت الإثبات، ولا يحكم للولي على الذي شهدا عليه ثانيا؛ لأنه لا يدعي عليه شيئا. وإن قال رجل.. لم يقتله هذا، وأنا الذي قتلته، فكذبه الولي.. لم يجب على الولي رد الدية، ولا يبطل اللوث؛ لأنه لا يبطل ما حكم له بقول واحد. وإن صدقه الولي.. وجب عليه رد الدية إلى الأول، وهل للولي مطالبة المقر؟ فيه قولان: أحدهما: ليس له مطالبته؛ لأن دعواه على الأول أنه انفرد بالقتل إبراء لغيره من الناس. والثاني: له مطالبته لأن دعواه على الأول ظن وإقرار الثاني على نفسه يقين، فجاز له الرجوع من الظن إلى اليقين.
أنه كان هناك وقت قتله] :
إذا قتل رجل في قرية أو في زحمة أو في صف قتال أو ما أشبه ذلك، فادعى وليه بقتله على رجل، فقال المدعى عليه: لم أكن في القرية أو في الزحمة أو في الصف وقت قتله.. لم يكن للولي أن يقسم عليه حتى يقيم البينة على المدعى عليه أنه كان هنالك عند قتله، فإذا أقام البينة أو أقر المدعى عليه أنه كان هنالك ولكنه قال: لم أقتله.. أقسم عليه الولي. وإن لم يقم عليه البينة ولا أقر.. فالقول قول المدعى عليه أنه لم يكن هنالك، فإن حلف فلا كلام، وإن نكل.. حلف المدعي أنه كان هنالك، ثم أقسم عليه.
ولورثة القتيل أن يقسموا وإن كانوا غيبا عن موضع القتل، لأنه يمكن أن يعلموا ذلك باعتراف القاتل أو ببينة؛ لأن عبد الله بن سهل قتل بخيبر وعبد الرحمن بن سهل بالمدينة ولم يشاهده، فقال لهم النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «تحلفون وتستحقون دم صاحبكم» .