[مسألة ادعى عينا في يد آخر مع بينة أنها له فأنكرها الخصم]

مسألة: [ادعى عينا في يد آخر مع بينة أنها له أمس فأنكرها الخصم أو أقر أنها كانت في يده] :

وإن كان في يد رجل عين وادعاها آخر، فأنكر من هي في يده، وأقام المدعي بينة أنه كانت في يده أمس.. فقد نقل المزني والربيع: (أنه لا يحكم له بهذه الشهادة) ، ونقل البويطي: (أنه يحكم بها) . ولا فرق بين أن تشهد له باليد أو بالملك، إلا أن الشافعي لم ينص إلا على اليد، واختلف أصحابنا فيها على طريقين: فقال أبو العباس: فيه قولان، قال: وأصلهما القولان في الرجلين إذا ادعيا عينا في يد غيرهما، وأقام أحدهما بينة أنها ملكه منذ سنة إلى هذه الحال، وأقام الآخر بينة أنها ملكه منذ شهر إلى هذه الحال: فإذا قلنا: إنهما سواء.. لم يحكم بهذه البينة. وإن قلنا: إن التي شهدت بالملك المتقدم أولى.. حكم بهذه البينة. فإذا قلنا: يحكم بها - وهو اختيار البويطي وأبى العباس - فوجهه: أن البينة أثبتت له اليد أو الملك أمس، والأصل بقاء ذلك إلى أن يعلم خلافه. وإذا قلنا: لا يحكم له بها -كما قال الشيخان: أبو حامد وأبو إسحاق - وهو الأصح.. فوجهه: أنه ادعى الملك في الحال، والبينة إنما شهدت له باليد أو بالملك أمس، فلم يحكم له بذلك، كما لو ادعى دارا وشهدت له بينة بغيرها. ولأنه لو ادعى أن هذه الدار كانت ملكا له أمس، ولم يدع ملكها في هذه الحال.. لم تسمع هذه الدعوى، فكذلك: إذا شهدت له البينة بملكها أمس ولم تثبت الملك له في هذه الحال.. فإنها لا تسمع، كالدعوى والشهادة بالمجهول. قال أبو إسحاق: لا يحكم بها قولا واحدا - لما ذكرناه- وما ذكره البويطي.. فهو مذهبه لا مذهب الشافعي - رَحِمَهُ اللَّهُ -، وقد حكى الربيع في "الأم" ما يدل على صحة ذلك؛ لأنه حكي عن الشافعي - رَحِمَهُ اللَّهُ - فيها: (أنه لا يحكم بالبينة) ، ثم قال: وقال أبو يعقوب البويطي: أنه يحكم بها، فتبين أنه مذهب البويطي، ويخالف الشهادة بالملك المتقدم؛ لأنهما قد شهدتا بالملك في الحال، وإنما انفردت إحداهما بإثبات الملك في زمان ماض فرجحت بذلك، وهاهنا لم تثبت البينة في الحال، فلم يحكم بها.

فإن شهدت البينة أنها كانت في يد المدعي أو في ملكه أمس، وأن فلانا أخذها منه أو قهره عليها أو غصبها منه، أو كانت العين عبدا فأبق.. قال أصحابنا: فإنه يحكم

طور بواسطة نورين ميديا © 2015