هذا ترتيب أصحابنا العراقيين، وقال الخراسانيون: هل يستحب ذكر هذه الأسباب في الدعوى في ابتداء النكاح؟ فيه وجهان:
أحدهما: يستحب.
والثاني: يجب. فإذا قلنا: يجب.. ففيه معنيان:
أحدهما: لاختلاف الناس في هذه الأشياء في عقد النكاح.
والثاني: لأجل الاحتياط في الأبضاع.
وإن ادعى استدامة النكاح.. فهل يجب ذكر هذه الأسباب في الدعوى؟
إن قلنا: إن المعنى في الدعوى في ابتداء النكاح اختلاف الناس فيها.. لم يجب ذكرها هاهنا؛ لأنه لا خلاف بينهم فيها في الاستدامة. وإن قلنا: المعنى هناك الاحتياط في الأبضاع.. وجب ذكرها في الدعوى في الاستدامة؛ لأن هذا المعنى موجود هاهنا. فإن ادعى نكاح أمة، وقلنا: يجب ذكر الشروط في الدعوى في النكاح.. فهل يجب عليه أن يذكر في دعوى نكاح الأمة عدم الطول وخوف العنت؟ اختلف أصحابنا فيه: فمنهم من قال: يجب ذكر ذلك؛ لأنهما شرطان في النكاح فوجب ذكرهما، كما قلنا في الولي والشاهدين. ومنهم من قال: لا يجب ذكرهما، كما لا يجب ذكر خلوها من العدة والردة والإحرام. والأول أصح.
إذا ثبت هذا: وادعى رجل على امرأة نكاحا.. نظرت:
فإن أقرت له بالنكاح.. ففيه قولان، حكاهما القاضي أبو الطيب، وابن الصباغ، والمسعودي [في " الإبانة "] :
[أحدهما] : قال في القديم: (لا يثبت النكاح) ؛ لأنها ليست من أهل مباشرة عقد النكاح، فلم يقبل إقرارها به، كالصبي.
قال ابن الصباغ: فعلى هذا: لا يثبت النكاح إلا بالبينة، إلا أن يكون في الغربة لتعذر البينة.