إذا ثبت هذا: فإن التحكيم من الخصمين يجوز، سواء كان في البلد حاكم أو لم يكن حاكم. وإذا رفع حكمه إلى الحاكم الذي ولاه الإمام.. لم ينقض حكمه إذا كان مثله لا ينقض.

وقال أبو حنيفة: (إذا رفع حكم إلى الحاكم الذي ولاه الإمام.. فله أن ينقضه إذا خالف رأيه، وإن كان مما لا ينقض مثله على الحاكم الذي ولاه الإمام.. قبله) .

دليلنا: أنه حكم قد صح ولزم، فلم يكن له فسخه لمخالفته رأيه، كما لو كان من حاكم قبله ولاه الإمام.

[مسألة تعدد القاضي]

مسألة: [جواز تعدد القاضي] : ويجوز للإمام أن يجعل قضاء بلد إلى اثنين أو أكثر على أن يحكم كل واحد منهما في موضع، أو على أن يحكم أحدهما في حق والآخر في حق آخر، أو على أن يحكم كل واحد منهما في زمان؛ لأنهما يملكان الحكم بإذنه، فكان على حسب ما أذن فيه لهما. وهل يجوز أن يجعل إليهما القضاء في مكان واحد، في زمان واحد، وحق واحد؟ فيه وجهان:

أحدهما: يجوز، كما يجوز ذلك في سائر الأشياء التي يجوز النيابة فيها.

والثاني: لا يجوز؛ لأنهما قد يختلفان في الحكم فيبطل المقصود.

ولا يجوز أن يعقد القضاء على أن يحكم بمذهب إمام بعينه؛ لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {فَاحْكُمْ بَيْنَ النَّاسِ بِالْحَقِّ} [ص: 26] [ص: 26] ، والحق لا يتعين في مذهب إمام بعينه، بل الحق ما دل عليه الدليل.

[مسألة ما يستحب للإمام أو القاضي بعد توليته]

] : إذا ولى الإمام رجلا القضاء على بلد.. فالمستحب له: أن يكتب له كتاب العهد والتولية؛ لما روي: «أن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لما بعث عمرو بن حزم إلى اليمن.. كتب له

طور بواسطة نورين ميديا © 2015