أحدهما: لا ينعزل، كما لو عقد أهل العقد والحل الإمامة لمن يصلح لها، ثم عزلوه من غير سبب.
والثاني: ينعزل؛ لما ذكرناه من عزل علي لأبي الأسود.
فإن قلنا بهذا: فقال له الإمام: قد عزلتك.. انعزل بذلك. وإن كتب إليه: عزلتك.. فهل ينعزل قبل أن يعلم بالعزل؟
من أصحابنا من قال: فيه قولان، كما قلنا في الوكيل.
وقال الشيخ أبو زيد المروزي: لا ينعزل حتى يبلغه العزل قولا واحدا؛ لأنا لو قلنا: ينعزل قبل أن يبلغه العزل.. أدى إلى فساد عظيم؛ لأنه يزوج ويقيم الحدود.
وإن كتب إليه: إذا أتاك كتابي هذا فأنت معزول.. لم ينعزل قبل أن يأتيه الكتاب.
فإن كتب إليه: إذا قرأت كتابي هذا فأنت معزول.. لم ينعزل قبل أن يقرأ كتابه.
وإذا ولى الإمام قاضيا ثم مات الإمام.. لم ينعزل القاضي؛ لأن الصحابة - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ - ولوا قضاة فلم ينعزلوا بموتهم.
فرع: [صحة التحاكم عند من له أهلية القضاء] : وإن تحاكم رجلان عند رجل يصلح للقضاء وليس بقاض، فحكم بينهما.. صح حكمه؛ لما روي: (أن عمر وأبي بن كعب تحاكما إلى زيد بن ثابت) ، و: (تحاكم عثمان وطلحة إلى جبير بن مطعم) .
فإن قيل: كان عمر وعثمان الإمامين في وقتهما، وإذا ردا ذلك إلى غيرهما.. صار حاكما؟
فالجواب: أنه لم ينقل عنهما أكثر من الرضا بالحكم، وبذلك لا يصير حاكما.
وبأي شيء يلزم حكمه بينهما؟ فيه قولان:
أحدهما: لا يلزمهما حكمه إلا برضاهما بحكمه بعد الحكم؛ لأنه لما اعتبر رضاهما في ابتداء الحكم عنده.. اعتبر رضاهما بلزوم حكمه.