ورَوَى أبُو بردة بن نيار أن النَّبيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال: «لا يجلد أحد فوق عشر جلدات في غير حد من حدود الله» . وعند المخالف: يجوز أن يجلد مائة في غير الحد.
فإن قيل: فالخبر يدل على أنه لا يجوز الزيادة على العشر في غير الحد؟
قلنا: قد أجمعت الأمة: على أنه يجوز الزيادة على العشر ما لم يبلغ به أدنى الحدود، فيستدل بالإجماع على نسخ ظاهر الخبر. ورُوِي عن عمر - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -: أنه كتب إلى أبي موسى: (أنه لا يبلغ بنَكَال أكثر من عشرين سوطا) . ورُوِي: (ثلاثين سوطا) . ورُوِي: (ما بين الثلاثين إلى الأربعين) . ولأن العقوبة إذا علقت في الشَّرع بجرم.. لم تتعلق بما دونه، كالقطع لما علق بسرقة النِّصَاب لم يتعلق بما دونه.
ويكون الضرب في التعزير بين الضربين، كما قلنا في الحد. وقال أبُو حَنِيفَة: (الضرب في التَّعزِير يكون أشد من الضرب في الزِّنَى، ثم الضرب في الشرب دون الضرب في الزِّنَى، ثم الضرب في القذف) . وقال الثوريُّ: الضرب في القذف أشد من الضرب في الشرب.
دليلنا: أن التَّعزِير أخف من الحد في عدده، فلا يجوز أن يزاد عليه في إيلامه ووجعه.
قال الشيخُ أبُو إسحاق: إن رأى السلطان ترك التَّعزِير.. جاز تركه إذا لم يتعلق به حق آدمي. وقال الشيخُ أبُو حامد: التَّعزِير ليس بواجب، بل الإمام بالخيار: إن شاء فعله، وإن شاء تركه. ولم يفرق بين أن يتعلق به حق آدمي أو لا يتعلق. وقال أبُو حَنِيفَة: [إن غلب على ظن الإمام أنه لا يصلح الرجل إلا التَّعزِير.. فالتَّعزِير واجب،