النَّبيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عزر إنسانا» . ورُوِي: (أن معن بن زائدة زور على عمر كتابا، فعزره) . ورُوِي: أن علياً سئل عن قول الرجل للرجل: يا فاسق، يا خبيث، فقال: (هن فواحش، فيهن تَعزِير، وليس فيهن حد) .
إذا ثبت هذا: فإن التَّعزِير غير مقدر، بل إن رأى الإمام أن يحبسه.. حبسه. وإن رأى أن يجلده.. جلده. ولا يبلغ به أدنى الحدود؛ فإن كان حرا.. لم يبلغ به أربعين جلدة، بل ينقص منها ولو جلدة. وإن كان عبدا.. لم يبلغ به عشرين جلدة. وبه قال أبُو حَنِيفَة ومحمد. وحكى الشيخُ أبُو حامد: أن من أصحابنا من قال لا يبلغ بتعزير الحر عشرين جلدة.
ومن أصحابنا الخراسانيين من قال: ينظر في المعصية التي يعزر لأجلها، فإن كانت من جنس الشرب، مثل أن يكون قد أدار كأس الماء على جماعة على هيئة إدارة كأس الخمر.. عزر دون الأربعين. وإن كانت من جنس القذف؛ بأن يشتم إنسانا بما ليس بقذف.. فإنه يضرب دون الثمانين. وإن كانت من جنس الزِّنَى؛ مثل أن يطأ أجنبية فيما دون الفرج أو يقبلها.. فإنه يضرب دون المائة.
وقال أبُو يوسف وابن أبي ليلى: يجوز أن يبلغ بالتَّعزِير خمسا وسبعين، ولا يزاد عليه. وقال مالك والأَوزَاعِي: (له أن يضرب في التَّعزِير أي عدد شاء على حسب ما يؤدي إليه اجتهاده) .
والأول أصح؛ لقوله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «من بلغ بما ليس بحد حدا.. فهو من المعتدين» .