ما رُوِيَ: (أن أم كرز قدمت على علي - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - فقالت: إن أبي قتل يوم القادسية، وإن سهمه ثابت ولا أترك حقي، فقال عمر: قد علمت ما فعل قومك، فقالت: لا أترك حقي حتى تركبني ناقة ذلولا عليها قطيفة حمراء، وتملأ كفي ذهبا. قال: ففعل عمر لها ذلك، فعدت الدنانير التي في كفها، فإذا هي ثمانون دينارا) .
وهذا «كما رُوِيَ: أن وفد هوازن لما سبيت ذراريهم.. وفدوا إلى النَّبيّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وسألوه أن يرد عليهم، فخيرهم بين الأحساب والأموال، فاختاروا الأحساب، فقال: " أما نصيبي ونصيب أهلي.. فهو لكم، وأسأل سائر الناس " فسأل الناس أن يردوا عليهم عن طيب أنفسهم، فردوه عليه» . وأمَّا قول عمر: (لولا أنِّي قاسم مسؤول.. لتركتكم على ما قسم لكم) فله تأويلان:
أحدهما: أنه رأى إن تركهم على ما قسم لهم من تلك الأرض.. انشغلوا بعمارتها عن الجهاد، وتعطل الجهاد؛ لأن أكثر الصحابة قد كان غنم منها.
والثاني: أنه نظر في العاقبة وخشي أن من جاء بعد ذلك من المسلمين لا شيء لهم؛ لأن أرض السواد قد صارت لأولئك الذين غنموا، فأحب عمر أن يكون لمن يأتي من المسلمين فيها نفع؛ بدليل: ما رَوَى زيد بن أسلم، عن أبيه: أن عمر - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - قال: (لولا أنِّي أخشى أن يبقى الناس ببانا لا شيء لهم.. لتركتكم على ما قسم لكم، ولكني أحب أن يلحق آخر الناس أولهم) ، وتلا قَوْله تَعَالَى: