وإنما سميت هذه الأرض أرض السواد؛ لأن الجيش لما خرجوا من البادية.. رأوا هذه الأرض والتفاف شجرها فسموها السواد. ولا خلاف: أن عمر - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - فتحها عنوة وردها إلى أهلها، واختلف الناس في كيفية ردها إلى أهلها:
فمذهب الشافعي: (أنه قسمها بين الغانمين، ثم استنزل الغانمين عنها برضاهم، فنزلوا عنها وردوها إلى أهلها) . وقال الأَوزَاعِي ومالك: (لم يقسمها، وإنما صارت وقفا بنفس الغنيمة) . وقال أبُو حَنِيفَة: (لم يقسمها بين الغانمين، وإنما أقرها في أيدي أهلها وهم المجوس، وضرب عليهم الجزية) .
دليلنا: ما رُوِيَ: عن جرير بن عبد الله البجلي أنه قال: كانت بجيلة ربع الناس يوم القادسية، فقسم لهم عمر ربع السواد، فاستغلوها ثلاث سنين أو أربعا، ثم قدمت على عمر، فقال عمر: (لولا أنِّي قاسم مسؤول.. لتركتكم على ما قسم لكم، ولكني أرى أن تردوها عليّ، قال: فعاوضني عن حقي نيفا وثمانين دينارا) . فثبت أنها لم تصر وقفا، وإنما قسمها وعاوضه عن حقه.
فإن قيل: فقد ملكوها بالقسمة، فكيف استردها منهم؟
فالجواب: أنه لم يكرههم على الرد، وإنما سألهم أن يردوها برضاهم، فمنهم من طابت نفسه برد حقه بغير عوض، ومنهم من لم يرد نصيبه إلا بعوض؛ بدليل