وإن قطع إحدى يدي الجاني، فمات من قطعها ولم يأخذ بدل اليد الأخرى.. كان له أن يأخذه؛ لأنه وجب له القصاص في اليدين، وقد فاته القصاص في أحدهما بما لا ضمان عليه فيه، فهو كما لو سقط بأكلة، أو مات حتف أنفه.
وإن مات المجني عليه من قطع اليدين، ولم تبرأ، فقطع الوارث إن إحدى يدي الجاني، فمات من قطع يده قبل أن تقطع الأخرى.. لم يرجع بدية اليد الأخرى؛ لأن الجناية إذا صارت نفساً.. سقط حكم الأطراف، وقد سرى قطع يد الجاني إلى النفس، فاستوفى النفس بالنفس، وليس كذلك إذا برئت اليدان ولم يمت، فإن الاعتبار بالطرفين، ولا يسقط بدل أحدهما باستيفاء بدل الآخر. وهكذا حكم كل طرفين متميزين، مثل: الرجلين، والعينين.
] : وإن قطع يد رجل، فسرى القطع إلى نفسه، فقطع الولي يده، ثم عفا عنه.. فلا ضمان عليه في اليد. وكذلك: لو قتل رجل رجلاً، فبادر الولي فقطع يد الجاني، ثم عفا عنه.. فلا ضمان عليه في اليد.
وقال أبو حنيفة: (يلزمه دية اليد) .
دليلنا: أنه قطع يده في حال أبيح له قطعها، فلم يلزمه ضمانها، كما لو قطع يد مرتد فأسلم.
وأما العفو: فإنما ينصرف إلى ما بقي دون ما استوفى.
وإن قطع يهودي يد مسلم، فاقتص المسلم من اليهودي، ثم مات المسلم.. فلوليه أن يقتل اليهودي، فإن عفا عنه على مال.. ففيه وجهان:
أحدهما: يجب له نصف الدية؛ لأن المجني عليه قد أخذ يد اليهودي بيده، واليد تقوم بنصف الدية، فكأنه رضي أن يأخذ يداً ناقصة بيد كاملة.