وحكى الخراسانيون من أصحابنا: أن ذلك قول آخر للشافعي - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -، وليس بمشهور.
دليلنا: ما روى ابن عباس: أن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال: «أيما أمة ولدت من سيدها.. فهي حرة عن دبر منه» .
وروى ابن عمر: «أن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال في أم الولد: "لا تباع، ولا توهب، ولا تورث يستمتع بها مدة حياته، فإذا مات عتقت» .
إذا ثبت هذا: فلا يصح هبتها ولا رهنها، وهل تصح كتابتها؟ فيه وجهان:
قال ابن القاص: لا يصح؛ لأنه عقد على رقبتها، فأشبه البيع والرهن والهبة.
وقال أكثر أصحابنا: يصح؛ لأن الشافعي - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - نص على: (أنه إذا استولد المكاتبة.. صارت أم ولد، والكتابة بحالها) ، ولأنه يملك كسبها، فإذا اعتقها على بعضه.. جاز.
إذا تقرر ما ذكرناه ... ففي الاستيلاد ثلاث مسائل:
إحداهن: إذا علقت الأمة بحر من سيدها في ملكه.. فإنها تصير أم ولد له في الحال إلا في مسألة واحدة وهي: إذا أحبل الراهن الجارية المرهونة بغير إذن المرتهن.. فإنها في أحد القولين تباع لحق المرتهن وإن كانت قد علقت بحر من سيدها في ملكه.