إذا تداعى رجلان من أهل الحضانة لقيطا.. فقال كل واحد منهما: أنا التقطه، فلي حق حضانته، فإن لم يكن لأحدهما عليه يد.. فإن الحاكم يأخذه ويقره في يد من يرى منهما، أو من غيرهما؛ لأنه لا يد لأحدهما عليه. وإن كان في يد أحدهما ... كان صاحب اليد أحق به؛ لأن له يدًا تدل على الالتقاط. فإن قال الآخر: أنا التقطته أولًا، وإنما غصبه الآخر مني.. فالقول قول صاحب اليد مع يمينه؛ لأن الأصل عدم الغصب. وإن كان في يديهما:
قال الشيخ أبو حامد وابن الصباغ: أقرع بينهما؛ لأنه لا مزية لأحدهما على الآخر.
وقال الشيخ أبو إسحاق: يتحالفان. فإن حلفا أو نكلا.. أقرع بينهما. وهذا أولى؛ لأن كل واحد منهما يدعي أنه هو الملتقط أولًا، وأن الآخر أدخل يده معه، فتحالفا كالمختلفين في الملك. فإن حلف أحدهما، ونكل الآخر.. قضي به للحالف.
وإن كان لأحدهما بينة دون الآخر.. قضى لصاحب البينة؛ لأن البينة أقوى من الدعوى.
وإن كان مع كل واحد منهما بينة: فإن كانت البينتان مؤرختين تأريخًا واحدًا، أو مطلقتين، أو إحداهما مطلقة والأخرى مؤرخة.. تعارضتا، وفيهما قولان:
أحدهما: تسقطان. فيكون الحكم كما لو لم يكن مع أحدهما بينة.
والثاني: يستعملان. وفي الاستعمال ثلاثة أقوال:
أحدها: يقسم بينهما.
والثاني: يوقف الأمر حتى ينكشف.