يمكن أن يقدم أحدهما على الآخر؛ لأنه لا مزية لأحدهما على الآخر. فإذا بطلت هذه الأقسام.. لم يبق إلا أن يقرع بينهما.
قال الشافعي في " الأم ": (ولا فرق بين أن يكونا رجلين أو امرأتين، أو رجلًا وامرأة؛ لأنهما من أهل الحضانة والتربية) .
فإن قيل: أليس لو افترق الزوجان، ولهما ولد له دون سبع سنين، فإن الأم أولى بحضانة الولد، فهلا قلتم: إن المرأة ها هنا أولى بالحضانة؟
قلنا: الفرق بينهما: أن الولد هناك خلق من ماء الزوجين، وللأم مزية بحمله ورضاعه، وشفقتها عليه أكثر، فلذلك قدمت على الأب. وها هنا إنما ثبت لهما الحق بالالتقاط، وهما متساويان فيه، فلم يقدم أحدهما على الآخر، ولأنا إذا جعلنا الحضانة للأم.. فإن حق الأب لا ينقطع منه؛ لأن التأديب والتعليم إليه، وذلك جمع بين الحقين، وليس كذلك ها هنا، فإنا إذا جعلنا الحضانة للمرأة.. انقطع حق الرجل عنه.
) : فإن التقطه اثنان، وترك أحدهما حقه من الحضانة للآخر.. ففيه وجهان:
أحدهما: ليس له ذلك، بل يرفع الأمر إلى الحاكم ليقره في يد الآخر؛ لأن الملتقط إنما يملك الحضانة ولا يملك نقل الولاية إلى غيره.
والثاني: يقر في يد الآخر من غير إذن الحاكم، وهو المذهب؛ لأن الحق لهما، فإذا ترك أحدهما حقه ثبت الجميع للآخر، كما لو ثبت لهما الشفعة فعفا أحدهما عن حقه.. وليس ذلك بنقل ولاية وإنما ترك حق.
وإن تنازعا حضانته وأحدهما من أهل الحضانة، والآخر ليس من أهل الحضانة.. أقر في يد من هو من أهل الحضانة؛ لأنه لا حق للآخر في حضانته.