أو قبض الحاكم المال من الملتقط، ودفع إليه كل يوم قدر نفقة اللقيط، وأمره بإنفاق ذلك عليه.. جاز.
وإن أقر الحاكم المال في يد الملتقط، وأمره أن ينفق منه قدر ما يحتاج إليه.. فقد قال الشافعي ها هنا وفي (الدعوى) : (يجوز) .
وقال في (اللقطة الكبير) من " الأم " (3/290) : (إذا وجد الرجل ضالة وأراد أن ينفق عليها من ماله على أن يرجع بذلك على صاحبها.. لم يجز، إلا أن يدفع ذلك إلى الحاكم حتى ينصب عدلًا، فيأمر الملتقط بدفع المال إليه، حتى يتولى الإنفاق) .
فمن أصحابنا من نقل جواب كل واحدة منهما إلى الأخرى، وخرجهما على قولين:
أحدهما: لا يجوز أن يأذن له في الموضعين بالإنفاق، بل ينصب أمينًا يجعل المال في يده، ويعطيه قدر النفقة كل يوم؛ لأنه إذا أذن له في أن ينفق النفقة مما في يده.. صار قابضًا من نفسه ومقبضًا، وإنما يجوز ذلك في الأب والجد.
قال الشيخ أبو حامد: وهذا التعليل إنما يصح في الضالة، وفي اللقيط إذا لم يكن له مال فأقرضه الملتقط.
والقول الثاني: أنه يجوز أن يأذن له في الإنفاق، وهو الصحيح؛ لأن الملتقط أمين. فإذا أذن له في الإنفاق.. صار وليًا، وللولي أن ينفق على المولى عليه من ماله بإذن الحاكم، كالولي على اليتيم من قبل الحاكم والوصي. ولأنه لا خلاف أنه إذا أخذ المال من يده، جاز أن يدفع إليه كل يوم قدر النفقة ويتولى إنفاق ذلك عليه، فجاز إقرار المال بيده لينق منه قدر حاجته.
ومن أصحابنا من حملها على ظاهرهما فقال في اللقيط: يجوز، وقال في الضالة: لا يجوز.
والفرق بينهما: أن اللقيط مولى عليه بكل حال؛ لأنه إذا لم يكن له أب ولا جد.. فالحاكم وليه. وإذا كان له أحدهما.. قام الحاكم مقامه عند غيبته، وقد أذن له. وأما الضالة: فيجوز أن تكون لبالغ رشيد لا ولاية للحاكم عليه.