وأما دار الشرك التي يسكنها المشركون: فمثل الروم والترك وغيرهما: فإن لم يكن فيها مسلم.. فاللقيط الموجود فيها كافر؛ لأن الدار دار كفر.
وإن كان معهم مسلم أسير أو غيره.. ففيه وجهان:
أحدهما: أنه مسلم تغليبًا للمسلم الذي فيها.
والثاني: أنه كافر؛ لأنه يحتمل أنه ابن مسلم، ويحتمل أنه ابن كافر.. فغلب الكفر؛ لأن الدار دار كفر، والكفار فيها أكثر، ولأن الظاهر من الأسير أنه لا يتمكن من الوطء بنكاح ولا بغيره.
وإذا أخذ الملتقط اللقيط.. فهل يجب عليه الإشهاد عليه؟
من أصحابنا من قال: فيه وجهان، كما قلنا في اللقطة.
ومنهم من قال: يجب عليه الإشهاد وجهًا واحدًا؛ لأن الإشهاد في اللقطة لحفظ المال، والإشهاد ها هنا لحفظ النسب، وللنسب مزية على المال في الإشهاد، ولهذا وجب الإشهاد في عقد النكاح دون البيع وغيره من العقود.
وأما نفقة اللقيط، فلا يخلو: إما أن يكون له مال، أو لا مال له. فإن كان له مال.. كانت نفقته في ماله؛ لأنه الطفل إذا كان له أبوان موسران وله مال، كانت نفقته في ماله، فلأن تكون نفقة من لا يعرف أبواه في ماله أولى.
فإن كان في البلد حاكم.. لم يجز للملتقط أن ينفق على اللقيط من ماله بغير إذن الحاكم؛ لأن الملتقط لا ولاية له على مال اللقيط، وإنما له الولاية على حضانته، فإن خالف وأنفق عليه من ماله بغير إذن الحاكم.. لزمه الضمان؛ لأنه تعدى بذلك.
وإن جاء الملتقط إلى الحاكم وعرفه الحال.. نظرت: فإن أخذ الحاكم المال منه، ودفعه إلى أمين، وأمره أن يعطي الملتقط كل يوم قدر النفقة، أو ينفقه الأمين عليه،