وإن اختلف زيدٌ وعمرٌو في المقبوض.. فالقول قول زيد مع يمينه. وإنما يقبل قوله مع اليمين، إذا كان ما يدّعيه محتملاً، فأمّا إذا ادّعى تفاوتًا كثيرًا: لم يقبل قوله؛ لأن هذا القدر لا يتفاوت. وهكذا: لو اختلف زيد وخالد فيما قبض خالد.. فالقول قول خالد مع يمينه إذا كان ما يدّعيه تفاوتًا يسيرًا، وإن كان تفاوتًا كثيرًا.. لم يقبل قوله؛ لأن مثل ذلك لا يتفاوت.
المسألة الثانية: أن يقول زيد لخالد: اذهب، فاكتل الطعام لنفسك من عمرو، ففعل، فإن قبض خالد لنفسه لا يصح، وجهًا واحدًا؛ لأنه لا شيء له في ذمة عمرو. وهل يصح قبض خالد من عمرو لزيد؟ على الوجهين.
المسألة الثالثة: أن يقول زيد لخالد: احضر معي حتى أكتاله من عمرو لنفسي، ثم تأخذه بذلك الكيل، فحضر، فاكتاله زيد لنفسه، ثم سلّمه زيد إلى خالد جزافًا من غير كيل، صح قبض زيد لنفسه؛ لأنه قبضه لنفسه قبضًا صحيحًا، ولا يصح قبض خالد من زيد؛ لأنه قبضه من غير كيل.
المسألة الرابعة: إذا اكتاله زيد لنفسه من عمرو، ثم كاله زيد لخالد مرة ثانية.. صح القبضان؛ لأن الطعام قد جرى فيه الصاعان.
المسألة الخامسة: أن يكتاله زيد لنفسه من عمرو، ثم يسلمه إلى خالد عمّا عليه له وهو في المكيال، فإن قبض زيد لنفسه من عمرو صحيح، وهل يصح قبض خالد من زيد؟ فيه وجهان:
أحدهما: لا يصح؛ لحديث جابر: (أن «النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - نهى عن بيع الطعام، حتى يجري فيه الصاعان» . وهذا يقتضي كيلا بعد كيل.
والثاني: يصح؛ لأن استدامة الكيل بمنزلة ابتدائه، بدليل: أنه لو أسلم إليه بذهب طعام، فابتدأ المسلم إليه وكاله للمسلم.. صح، ولو كال الطعام بالذهب عند السلم، فسلمه إليه.. صح، فكذلك هاهنا مثله.