والدليل على أن هذا مراده فيما ذكر: أنه قال: (وباع طعامًا آخر) . ولو أراد بيع ذلك الطعام.. لقال: وباع ذلك الطعام آخر. ولأنه قال بعدها: (ولو قال: أكتاله لنفسي، وخذه بالكيل.. لم يجز) . ولو كان قد باعه الطعام قبل القبض.. لم يكن لحضوره واكتياله لنفسه معنًى.
قالوا: وأمّا تعليله: فإنما أراد: أن هذا مثل بيع الطعام قبل القبض؛ لأنه لا يضمنه قبل أن يقبضه، كما لا يجوز بيعه قبل قبضه.
إذا ثبت هذا: ففيه خمس مسائل:
إحداهن: أن يقول زيد لخالد: احضر معي حتى أكتاله لك، فاكتاله زيد لخالد من عمرو، فلا يصح القبض لخالد، وجهًا واحدًا؛ لحديث جابر: «أن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - نهى عن بيع الطعام، حتى يجري فيه الصاعان: صاع البائع، وصاع المشتري» . وهذا لم يجر فيه الصاعان، ولأنه لا يستحق على عمرٍو شيئًا، فلم يصح القبض له منه. وهل يصح القبض لزيد من عمرو؟ فيه وجهان، بناء على القولين في السيد، إذا باع نجوم المكاتب ـ وقلنا: لا يصح القبض ـ فقبض المشتري النجوم.. فهل يعتق المكاتب؟ فيه وجهان:
أحدهما: إن قلنا: يصح قبض زيد لنفسه.. كاله لخالد مرة ثانية.
و [الثاني] : إن قلنا: لا يصح قبض زيد لنفسه.. رد الطعام إلى عمرو؛ ليكيله لزيد، ثم يكيله زيد لخالد.