فخلق ذات ابليس التي هي سبب كل شر في مقابلة ذات جبريل التي هي مادة كل خير. تماما كخلقه الليل والنهار والضياء والظلام والداء والدواء والحسن والقبيح والماء والنار والخير والشر وذلك من اول الدلائل على كمال قدرته وعزته فخلو الوجود من بعض هذه المتضادات بالكلية تعطيل لحكمته وكمال تصرفه وتدبير مملكته.
ومنها ظهور آثار اسمائه القهرية" كامنتقم وشديد العقاب وسريع الحساب"
فلا بد من وجود هذه الاسماء من سبب فلو كان كل الخلق على طبيعة الملك لم يظهر اثر هذه الاسماء.
ومنها ظهور اسمائه المتعلقة بالرحمة والحلم والعفو والمغفرة والستر.
فلولا خلق ابليس المسبب للمعاصي لما ظهرت آثار هذه الاسماء.
ومنها حصول العبودية المتنوعة التي لولا خلق ابليس لما حصلت ولكان الحاصل بعضها. منها احب العبوديات الى الله وهي الجهاد فلو كان الناس كلهم طائعين لاختفت هذه العبوديه وتوابعها من الموالاة فيه والمعاداة فيه والحب فيه والبغض فيه وبذل النفس والمال له والدعوة اليه وغيرها حكم كثيرة ذكرها الامام ابن القيم في كتابه مدارج السالكين.
وبعد ذلك كله لا ادعي ان الله حذر عباده من ابليس وذكر لهم عاقبة اتباعه دون ان يذكر لهم العلاج ودون ان يقرن ذلك برحمته الواسعة ودون ان يرغبهم بالجهاد في سبيله وهو القائل " سابقوا الى مغفرة من ربكم وجنة عرضها كعرض السماء والارض اعدت للذين آمنوا بالله ورسله ذلك فضل الله يؤتيه من يشاء والله ذو الفضل العظيم"
وقال تعالى: " قل يا عبادي الذين