الكريم صاحب مدينة القرويين من فاس، يرغبان في طاعة أمير المؤمنين المستنصر، والقيام بدعوته؛ فكرم رسولهما، وأجمل موعودهما.
وفي شعبان منها، خوطب القائد غالب بأنه بعث إليه بعشرة آلاف دينار لصلات الخارجين إليه من أصحاب حسن بن قنون، يوزعها عليهم بحسب مقاديرهم؛ وقرن بها من فاخر الكسوة والسيوف المحلاة عدد كثير للخلع عليهم.
وفيها، أرسل المستنصر بالله الوزير يحيى بن محمد النجيبي إلى الغرب بعسكر، ممدا للقائد غالب، وجامعا لليد معه على الخالع للطاعة حسن بن قنون؛ فكان ذلك في خبر طويل.
وفي أواخر ذي القعدة، ورد على المستنصر كتاب القائد غالب يذكر صنع الله تعالى في افتتاحه حصن الكوم، وهرب المخذول عنه حسن بن قنون مع صهره صاحب البصرة عليّ بن خلوف وغيرهما.
وفي منتصف ذي الحجة، ورد كتاب صاحب الشرطة، قاضي القضاة بالغرب محمد بن أبي عامر، يذكر تعييد الناس يوم الخمس، وقيام الخطبة في المصليات هنالك للمستنصر بالله، وسرور المسلمين بذلك، وابتهاجهم به.
وفيها، كانت حروب مع الحسنيين يطول ذكرها، انجلت عن مقتل خلق كثير من أصحاب حسن بن قنون الحسني؛ وحز من رؤوس مشاهيرهم مائة رأس؛ وترك أكثرهم صريعا. وقتل في الهزيمة محمد بن أبي العيش الكتامي وكان من حسن محل أخيه تارة ومحل أبيه تارة أخرى.
وفي سنة 363، افتتح غالب، قائد الحكم المستنصر بالله، مدينة البصرة التي كان انتزى فيها محمد بن حنون الحسني، وذلك أن أهل البلد قاموا عليه، وقتلوا نائبه وخليفته عليهم، وابتدروا لمخاطبة القائد غالب، يستجلبونه إليهم؛ فوصلهم، وملك المدينة، وخاطب الخليفة بخبرها، وأدرج كتاب أهلها طيَّ كتابه.