إفريقية واستدعائه من دن منه من أحزابه، مستعينا بهم فيما اعتزم عليه من نفاقه على الحكم، وإعلانه بإيقاع الدعاء الشيعي معد على منابر عمله، فأوصى الحكم قائده محمد بن قاسم باستعماله جده وجهده في مغاورة ابن قنون، وأمره، إن أظهره الله تعالى، أن يأخذ بالعفو والصفح، وإصلاح البلاد، واستصلاح الرعية؛ وأمره أن يستعين بمن دخل في الطاعة الأموية. فكان عبوره البحر إلى سبتة لإحدى عشرة بقيت من شوال منها؛ وتكاملت الجيوش والأساطيل بسبتة. وفي يوم السبت لأربع خلون من ذي القعدة ورد كتاب على المستنصر بالله بفتح طنجة، فتحها قائده على البحر عبد الله بن رماحس، يذكر أنه نازلها بالأسطول غرة ذي قعدة، ودعا أهلها إلى الطاعة والعود إلى الجماعة؛ فاستولوا الرد عليه؛ وكان حسن بن قنون داخلها يشد عزائمهم؛ فلما كان يوم الخميس، خرج حسن لقتال العسكر الخارج إليه من سبتة إلى تلون، وأبرز من طنجة عددا كثيرا من جنده الغربيين وأنصاره؛ فانهزموا أمام جيش الحكم، وولوا مدبرين؛ فلما رأى ذلك حسن، فرَّ هاربا في خاصة من أصحابه، لا يلوى على أحد، ولم يعرج على ما كان له ولأصحابه بطنجة من أموال وأخبية وأمتعه؛ فلما أمعن في فراره، وأسلم أهل طنجة، خرج شيخهم ابن الفاصل إلى القائد ابن رماحس مع جماعة وجوه طنجة، وهم ينادون (الطاعة لله ولأمير المؤمنين الحكم) ثم تقدم ابن الفاضل إلى القائد رماحس وطلب منه الأمان لأهل بلده؛ فأعطاه إياه، ودخل طنجة، ونهب ما كان بها لحسن بن قنون وأصحابه؛ وأنفذ القائد كتابه بالفتح إلى الخليفة.

وورد كتاب القائد محمد بن قاسم على المستنصر بالله لتسع بقين من ذي القعدة، يذكر أنه التقى مع حسن بن قنون؛ فدارت بينهما حرب شديدة، أجلت عن هزيمته، وقتل كثير من شيعته؛ وفر فيمن بقى معه إلى جبل حصين؛ فتبعه

طور بواسطة نورين ميديا © 2015