بالله، يذكر فيه ظهور أسطول المجوس ببحر الغرب بقرب من هذا المكان، واضطراب أهل ذلك الساحل كله لذلك، لتقدم عادتهم بطروق الأندلس من قبله فيما سلف؛ وكانوا في ثمانية وعشرين مركبا؛ ثم ترادفت الكتب من تلك السواحل بأخبارهم، وأنهم قد أضروا بها، ووصلوا إلى بسيط أشبونة. فخرج إليهم المسلمون، ودارت بينهم حرب، واستشهد فيها من المسلمين وقتل فيها من الكافرين. وخرجت أسطول إشبيلية؛ فاقتحموا عليهم بوادي شلب، وحطموا عدة من مراكبهم، واستنفذوا من كان فيها من المسلمين، وقتلوا جملة من المشركين، وانهزموا إثر ذلك خاسرين. ولم تزل أخبار المجوس تصل إلى قرطبة في كل وقت من ساحل الغرب، إلى أن صرفهم الله تعالى.
وفيها، أغزى الحكم القائد غالبا؛ ففتح الله له في المشركين، وانصرف سالما غانما.
وفيها، أمر الحكم لابن فطيس بإقامة الأسطول بنهر قرطبة، واتخاذ المراكب فيها على هيئة مراكب المجوس - أهلكهم الله - تأميلا لركوبهم إليها.
وفي سنة 356، عهد الخليفة الحكم بمخاطبة العمال بكور الأندلس، يعنفهم على جرأتهم ويحذرهم من سطوته وعقوبته، إذ اتصل به أن بعضهم قد استزادوا زيادات فاحشات يعاملون بها الرعية ظلما لهم؛ فأنكر ذلك عليهم. وفيها، كانت غزوات للمسلمين انجلت عن هزائم للمشركين.
وفيها، ولي أمير المؤمنين الحكم محمد بن عبد الله بن أبي عامر الذي رأس بعد وتلقب بالمنصور وكالة أبي الوليد هشام بن الحكم، وفوض إليه في جميع شؤونه؛ فتحركت حاله في الدولة.
وفي النصف من شوال، قعد الخليفة الحكم على السرير بالزهراء قعودا بهيَّا احتفل فيه، وأوصل إلى نفسه رسولين وصلا من أمراء الغرب الأدارسة؛