خلدون وابن عبد الملك الشذوني إلى السجن، وأوثقهم في الحديد. وقطع لسان سحنون الكاتب، وضرب ظهره.

وفيها، أتت جباية إشبيلية. وعندما أتت، أطلق ابن حجاج وابن خلدون والشذوني من سجن قرطبة.

ذكر ثورة بني حجاج بإشبيلية

وذلك أن إبراهيم بن حجاج ترك ولده رهينة بقرطبة، ورجع إلى بلده إشبيلية؛ فتوزع كورتها على نصفين: خرج إبراهيم بالنصف، وابن خلدون بالنصف. وبقيا كذلك أعواما. وكان الأمير عبد الله قد أخذ في الضرب بينهما، وبكاتب كل واحد منهما بما يراه من صاحبه. فلما كان في بعض الأيام، كتب إبراهيم بن حجاج وكريب بن خلدون إلى الأمير عبد الله في مصالحهما؛ وكتب معهما خالد بن خلدون أخو كريب كتابا يغري فيه إبراهيم بن حجاج عند الأمير، ويقول إنه في قبضتهم. فكتب له جوابه على نص كتابه. وخرج الحامل بالكتب إليهم؛ فسقط له كتاب خالد الذي كان بعث للأمير؛ فأخذه بعض فتيان القصر؛ فقرأه وعلم ما فيه؛ فدفعه لرسول إبراهيم بن حجاج، وقال له: (اسبق به مولاك!) فلما وصل الرسول والكتاب إلى إبراهيم، علم حقيقة ما يحتوي عليه ابنا خلدون من سوء الباطن. وكان هذا في سنة 286. فعند ذلك، تلطف إبراهيم في طعام، ودعا ابني خلدون؛ فوصلا إليه. فلما استقر المجلس بهم، أخذ إبراهيم في عتاب كريب وأخيه خالد، وأخرج الكتاب الذي بعث به الأمير إليهما، وأوقفهما عليه، وأبلغ في عتابهما، وأكثر في ذلك عليهما. فأخرج خالد سكينا كانت في كمه؛ فضرب بها رأس إبراهيم بن حجاج؛ فمزق قلنسوته، وضربه في وجهه. فلما صدر منه ذلك، نهض إبراهيم، ودعا من حضر من رجاله؛ فعلوهما بالسيوف، حتى قتلوهما. وألقى رأسيهما إلى أصحابهما ورجالهما؛ فتفرقوا. وتتبعهم إبراهيم بالقتل والنهب، ودفن جسدي ابني

طور بواسطة نورين ميديا © 2015