بعث إليها طارق من إسنجة جيشاً، وقوَّد عليه قائدا، وجعل معه ودليلا من رجال يليان؛ فاستفتحها وجميع أعمال ربه. ولجأ علوجها إلى جبال ربُّه الشامخة المنيعة.
بعث إليها طارق الجيش من إسنجة؛ فحاصرها حتى افتتحها
ثم تقدم هذا الجيش بعد فتح إغرناطة إلى تدمير، وهي مرسية، وإنما سميت تُدمير باسم العلج صاحبها؛ وكان اسمها أوربولة، وهي كانت مدينتها القديمة. فقاتل العلج تدمير المسلمين قتالا شديداً؛ وكان في قوّضة. ثم انهزم في فحص لا يسترهم شيء؛ فوضع المسلمين فيهم السلاح حتى أفنوهم؛ ولجأ من بقى منهم إلى مدينة أربولة. وكان تدمير بصيرا بأبواب الحرب؛ فلما رأى قلة من معه من أصحابه، أمر النساء؛ فنشرن شعورهن، وأعطاهن القصب، ووقفن على سور المدينة، ووقف معهن بقية الرجال. ثمَّ قصد بنفسه إلى جيش المسلمين كهيئة الرسول، واستأمن؛ فأمن وانعقد له الصلح ولأهل بلده؛ فافتتحت مدينة تدمير صلحا. فلما انعقد الصلح وتمَّ، أبرز لهم نفسه وقال: (أنا تدمير صاحب المدينة.) ثمّ أدخلهم البلد؛ فلم يروا فيه أحداً عنده مدفع؛ فندم المسلمون وأمضوا على ما أعطوه من الأمان؛ وكتبوا بالفتح إلى الأمير طارق؛ وأقام بتدمير رجال من أهل العسكر، وصاروا مع أهلها؛ وتقدّم معظم الجيش إلى طليطلة؛ فلحق بطارق، وهو عليها.