لسنَّتهم؛ وعلى سنته أمضت النصرانية أحكامها، وهي الأربعة الأناجبل. التي يحلفون بها وينتهون إلى ما فيها. وقالوا إنَّ لذريق. الذي دخلت عليه العرب والبربر، وثب علي وخشندش هذا وقتله، وغلب على ملك الأندلس، ودانت له طليطلة وغيرها.
وفي كتب العجم: إنَّ رذريق هذا لم يكن من بيت المملكة. وإنما كان زنيما؛ وكان من عمَّال الملك بقرطبة؛ وقتل وخشندش بعدما خالف عليه. فغير الحكم، وأفسد سنن الملك، وفتح البيت الذي كان فيه التابوت. وكان إذا مات الملك منهم، يكتب اسمه، وكم ولِيَ، ويوضع في ذلك البيت مع تاجه، ولا سبيل بعد عندهم لفتحه. فلما فتحه رذريق، أنكرت النصرانية ذلك عليه. وجعلوا له مثله ذهباً وفضة، ولا يفتحه؛ فلم يقبل ذلك منهم، وعزم على فتحه؛ ففتحه، ووجد في البيت تيجان الملوك وتابوتا فيه صور العرب متنكبة قسيها، وفي رؤوسها عمائمها، وعليها مكتوب: (إذا فتح هذا البيت، وأخرجت هذه الصور، دخل الأندلس قوم في صورهم، فغلبوا عليها!) فلما دخلت العرب والبربر مع طارق، والتقوا برذريق، أسلمته النصرانية، وانهزمت عنه حتى قتل. وكان دخول طارق بعد سنة من ولاية رذريق؛ فقتله طارق بقرطاجنة من كور الجزيرة؛ وافتتح البلاد حتى انتهى طارق إلى طليطلة؛ فوجد بها مائدة سليمان - على نبينا وعليه الصلاة والسلام! - ووجد فيها صور العرب والبربر على خيولهم، وهي الصور التي وضعت على القطر بقرطبة وقيل أيضاً إنها طلسمات، كانت العرب قد نصبتها على مساجد الأندلس؛ فنقلها عبد الرحمن بن معاوية إلى القطر بقرطبة.
وهذا القدر كاف هنا من صفة الأندلس وذكر ملوكها الأولين.