لما انتقل المعز من القيروان والمنصورية إلى مدينة المهدية، وأسلمها إلى العرب، واختل ملكه بفتنة العرب الواصلين من المشرق، كما تقدم، واستحوذوا على كثير من حواضر تونس وما يليها من البلدان ما كان، مثل باجة والأربس وما يليها، وكان بنو حماد قد طمعوا في ملك أفريقية، وصارت عمالة القيروان في أيديهم مدة بمداخلتهم العرب وإحسانهم إليهم وانقطع ملك المعز عن توني وغيرها، وضعفت دولتهم بالمهدية عن حمايتها، فمشى أشياخ من أهلها لى الناصر بن علناس، وهو إذ ذاك في القلعة دار ملكهم، وناظمة سلكهم، فاستدعوا منه النظر إلى مدينتهم وتقديم وال من قبله عليهم، فأمرهم أن يختاروا شيخا منهم، يقوم بأمرهم خلال ما ينظر إليهم، فيقال أنهم راموا تقديم كبير منهم، فاستعفى وتوقف. فوليها من قبل الناصر عبد الحق بن عبد العزيز بن خراسان، فأقام بها إلى أن مات سنة 488، ثم وليها بعده ولده عبد العزيز بن عبد الحق، فأقام بها إلى أن، مات في سنة 500، ثم وليها ولده أحمد بن عبد العزيز بن عبد الحق، فبقى واليا عليها اثنين وعشرين سنة، حتى أخرجه عنها مطوف بن علي بن حمدون إلى بجاية، وكان قد بنى قصرا بتونس، سمى قصر بني خراسان، وطالت مدته كما ذكرنا، فاشتدت وطأته، وخرج عن سيرة الأشياخ إلى آثار جبابرة الملوك، وقتل عمه إسماعيل بن عبد الحق، وكان أحق منه بالأمرة. وفر ولده أبو بكر بن إسماعيل إلى بنزرت، فلأقام بها خوفا منه، وأخرج جماعة من لأهل تونس وأشياخها، ونفاهم إلى المهدية وغيرها، واستبد برأيه في أمور تونس، إلى أن وصلت أخباره إلى المنصور صاحب بجاية، فجهز إليه عسكرا قدم عليه مطوف بن علي بن حمدون، فوصل إلى تونس عام 522، فخرج أحمد إليه، واستسلم في يديه، فنقله إلى بجاية