وفي سنة 366 خرج الأسطول من المهدية في أول محرم، فتعذرت الريح عليها فأقاموا حتى فرغت أزوائهم وعدموا الماء، فهرب جميع من فيها من النواتية والبحرية، وصاروا إلى البر، فنهبوا ما في المراكب من عدة وسلاح وهربوا إلى كل ناحية. فجعل عبد الله الطلب عليهم، فمن ظفر بهم، قتل.
وفي هذه السنة، توفي زيادة الله بن القديم في سجن عبد الله بن محمد الكاتب، وقيل أنه قتل بأنواع من العذاب. وفي هذه السنة، نادى عامل أفريقية والقيروان، وهو عبد الله الكاتب، فاجتمع الناس إليه، فأخذ من أعيانهم نحو الستمائة رجل من أغنيائهم وأغرمهم على الأموال بالتعيين: يأخذ من الرجل الواحد عشرة آلاف دينار، ومن آخر دينار واحدا. فاجتمعت له بالقيروان أموال كثيرة. وعم هذا الغرم سائر أعمال أفريقية ما عدا الفقهاء والصلحاء والأدباء وأولياء السلطان، وكان الذي جبى من القيروان نيفا على أربعمائة ألف دينار عينا. وبقى الأمر كذلك في الطلب، إلى أن وصل الأمر من مصر إلى أبي الفتوح برفع الغرم عن الناس، فأطلقهم عبد الله الكاتب في أواخر شوال.
وفي سنة 367، بعث عبد الله الكاتب عامل أفريقية هذا المال إلى ملك مصر العزيز بالله بأمر أبي الفتوح صاحب أفريقية من قبل العزيز بالله، وكتب على كل صرة أسم صاحبها. فكان خروج هذا المال من المنصورية لخمس بقين من جمادى الأخير. ولما وصل المال إلى مصر، رد العزيز بالله بعض الصرر لأربابها.
وفي هذه السنة، أنعم العزيز بالله على أبي الفتوح بطرابلس ونواحيها. فقدم عليها أبو الفتوح يحيى بن خليفة الملياني، فأقام بها شهورا، ثم عزله.
وفيها، زحف خزرون بن فلفل بن خزر الزنتاني إلى سجلماسة، في عدد عظيم، فخرج إليه المعتز، فاقتتلوا قتالا شديدا، فقتل المعتز، لخمس بقين من