وكان على دين الإسلام وإليه تنسب جزيرة طريف، فبقي أميرا عليهم، إلى أن هلك. وترك أربعة أولاد. فولى الأمر من بعده صالح بن طريف، وكلن مولده سنة 110 من لبهجرة، فتنبأ فيهم، وشرع لهم ديانة، وسمى نفسه صالح المؤمنين، وعهد إلى ابنه إلياس بديانته، وأمره ألا يظهر ذلك غلا إذا قوى أمره، وحينئذ يدعوا إلى مذهبه ويقتل من خالفه فيه من قومه. وأمره بموالاة أمير الأندلس. وخرج صالح إلى المشرق، وزعم أنه يعود إليهم في دولة السابع من ملوكهم، وزعم أنه المهدي الأكبر الذي يخرج في آخر الزمان لقتال الدجال، وأنه يملأ الأرض عدلا كما ملئت جورا، وتكلم لهم في ذلك بكلام كثير نسبه لموسى - عم - ولسطيح الكاهن وغيره.
ثم ولي بعده إلياس بن صالح بن طريف فأظهر ديانة الإسلام والعفاف وبقي أميرا خمسين سنة إلى أن هلك. وترك جمعة من الأولاد. فولى ابنه يونس بن إلياس، وذلك بعد ما وصل من المشرق، وحج ولم يحج أحد من أهل بيته. فتظهر ديانة جده، ودعا إليها وقتل من لم يدخل فبها حتى أخلى ثمانمائة موضع من مواضع البربر، يل أنه قتل منهم سبعة آلاف ونحو سبعمائة.
وهلك بعد أن ملك نحو أربعين سنة، وخرج الأمير عن بينه وقام أبو عفير يحمد بمن معاذ بن اليسع بن صالح بن طريف، فاستولى على ملك تلك البلاد، ودان بديانة آبائه. واشتدت شوكته، وعظم أمره. وكانت له وقائع في البربر مشهورة، منها وقعة تامعزا، أقام القتل فيها ثمانية أيام، ومنها وقعة بهت، عجز الإحصاء عن عد من قتل فيها. وكان لأبي عفير من الزوجات أربع وأربعون، وكان له من الأولاد بعددهن. ومات بعد أن ملك تسعاً وعشرين سنة. ثم ولى عبد بن أبي عفير، وهو أبو الأنصار، وذلك عند تمام المائة الثالثة، وكان سخيا ظريفا، يفي بالوعد والعهد، يحفظ الجار ويكافئ على الهدية بأضعافها. وصفته: أفطس، شديد الأدمة في الوجه، ناصع بياض الجسم،