الكاهنة وفيه ظهر أبو يزيد مخلد بن كياد وقام على أبي القاسم الشيعي.
وفي سنة 325 قدم أبو القاسم بن عبيد الله الشيعي على صقلية خليل بن إسحاق، فعمل بها ما لم يعمل بها أحد من قبله ولا بعده من المسلمين أهلكهم قتلا وجوعا حتى فروا إلى بلاد الروم وتنصر كثير منهم وبقى بصقلية أربعة أعوام. ولما قدم منها سنة 329 قال يوما، مفتخرا بظلمه في مجلس حضره جماعة من محو الناس تكلموا فيه معه في أمور شتى ثم جرى ذكر خروجه إلى صقلية: (أني قتلت ألف ألف: يقوله المكثر والمقلل يقول مائة ألف في تلك السفرة!) ثم قال: (لا والله ألا أكثر!) فقال له أبو عبيد الله المؤدب: (يا أبا العباس! لك في قتل نفس واحدة ما يكفيك!) وكان خليل هذا يكنى أبا العباس، وكان عبيد الله الشيعي يصرفه في الأعمال، وجبايات الأموال ومحاسبة الدواوين والعمال. ثم وقعت فيه أقواله، فكرهه عبيد الله وأبغضه، ولولا أبنه أبو القاسم لأهلكه. ومن قول خليل في عبيد الله الشيعي وتوغله فيه طويل:
أن الإمام أقام سنة جده ... للمسلمين كما حذوت نعالها
أحيى شرائعه وقوم كتابها ... وفروضها وحرامها وحلالها
وكان أبو القاسم بن عبيد الله أمر ببناء مدينة المسيلة سنة 313، وجعل المتولي لبنائها ابن الأندلسي وأستعمله بعد ذلك عليها إلى أن أهلك في فتنة أبي يزيد بن كيداد سنة 326 وبقي ابن جعفر في المسيلة وصار أمير على الزاف كله إلى أن خرج عنها في سنة 360 في فتنة زيري بن مناد والشيعية تسمى المسيلة المحمدية. قال المروذي سريع:
ثم إلى مدينة مرضية ... أست على التقوى محمدية