لبني أمية الله! بعد العظمة والجلال يصبحون غرباء في أوطانهم، لا يُرى لهم أثر ولا يُعرَف لهم تاريخ.
أتنسين يا دمشق أيامك الزاهرة التي كنت فيها درة العالم ومدينة الجلال؟ أتنسين أهليك من بني أمية فلا تقيمين لهم أثراً ولا تبنين لهم ذكراً؟ أتنسين يا دمشق معاوية وعمر والوليد، وقد ساقوا إليك أعظم الملوك خاضعاً خانعاً، وأورثوك أغنى الخزائن حلالاً سائغاً، وجعلوك مدينة العلم والقوة والعمران؟ ألم تثبّت أميةُ أركان الإسلام؟ ألم توثّق عراه؟ ألم يفتح قوّادها العالمَ كله ينشرون الإسلام في أهله ويهدونهم سبيله؟
لقد طوى الدهرُ أميةَ فيما طواه، وأغرقت لُجّة بحره الطامي القصورَ والديار والأطلال والآثار، فكأنّما عِزُّ أمية رواية مُثِّلَت على صفحة الزمان ثم انتهت، فعادت الصفحة بيضاء لا شيء فيها! ولكن لا بأس، ولا يضيركم يا بني أمية أن تُهدم قبوركم وتندثر آثاركم، فقبوركم في التاريخ وفي الأفئدة:
إن تسل أين قبورُ العظماء ... فعلى الأفواهِ أو في الأنفسِ
* * *