وبعد، فهذه هي المرة الأولى التي أُخرج فيها كتاباً لعلي الطنطاوي -رحمه الله- لا جامعة تجمع مقالاته إلا الزمن، ولا رابطة تربط بينها إلا سِنُّه يومَ نشرَها أولَ مرة. ولكنها ليست المرة الأولى التي يقرأ فيها القرّاء مقالات قديمة له؛ فقد نشر في أول حياته كتباً ثلاثة أودع فيها بواكير مقالاته، فأصدر «الهيثميات» سنة 1930، ثم أصدر «في بلاد العرب» سنة 1939 و «من التاريخ الإسلامي» في السنة التي بعدها. هذه الكتب ضمت عشرات من المقالات التي نشرها في تلك السنوات المبكرة من حياته، ورغم أنها قد نفدت نسخُها واختفت من الأسواق من عهد بعيد ولم يُعِدْ طباعتها قط، إلا أن مادتها لم تَضِعْ، فأكثر ما فيها من مقالات انتقل إلى الكتب التي أخرجها لاحقاً والتي ما زالت تُنشَر ويتداولها الناس؛ ولو أنكم فتحتم كتاب «من حديث النفس» مثلاً وراجعتم مقالاته لوجدتم أن نصفها قد كُتب بين سنتَي 1931 و1939، وقريبٌ من ذلك كتاب «فِكَر ومباحث»، أما كتاب «قصص من التاريخ» فتكاد تكون مادته كلها مما نُشر في تلك الأيام. بل إني قد أحصيت في الكتب المنشورة أكثرَ من مئة وعشرٍ