البواكير (صفحة 48)

فيقولون «كنا» و «كانت دولتنا» و «هذا تاريخنا» ولا يصنعون شيئاً، وأما اليهود فلا ينظرون إلا إلى الأمام فيقولون «يجب أن نكون» ويسعون ليكونوا كما يريدون. وما حالتنا إلا كما قال من قال:

ألهَى بَني تَغْلبٍ عن كل مَكْرُمَة ... قصيدةٌ قالها عمرو بنُ كلثومِ

إن تاريخنا -مهما كان زاهراً باهراً- لا يغني عنا من الآتي شيئاً، وإن الفخر بالرِّمَم البالية والأيام الخالية لا يردّ عزاً ولا يرجع مجداً، فحسبنا نظراً إلى الماضي، ولننظر إلى المستقبل، إلى الأمام.

يا قوم: ماذا يردّ عليكم عزَّ أوّلكم ... إنْ ضاع آخِرُه، أو ذَلَّ واتّضَعا؟

نحن والمستقبل

ما هو المثل الأعلى العام لمستقبل سوريا في نفوس أبنائها؟ إنك لا تجد جواباً على هذا السؤال إلا قولك: ليس لسوريا مثل أعلى عام تلتقي فيه آمال أبنائها. وأعني بالمثل الأعلى الأدبي والاجتماعي، لا السياسي الذي نكاد نكون متفقين فيه.

إن منا من يرى المثل الأعلى التحاقنا بأوربا واصطناعنا عاداتها وأخذنا بعوائدها، حتى نكون منها ونتبرأ من شرقيتنا وديننا ولغتنا، وهؤلاء هم المجددون المتطرفون. ومنا من يرى المثل الأعلى العودة إلى ما كنا عليه قبل عشرات السنين، ومحاربة كل غربي ولو كان علماً صحيحاً أو رُقيّاً نافعاً، وينتظر «المهدي»

طور بواسطة نورين ميديا © 2015