الحفلة، فلم أوفَّق إلى الشكر ولم أفلح في الاعتذار، وودعتهم وأنا بين حيرة وخجل وسرور وإشفاق!
فلما كان الغد وجدنا حديقة الفندق الواسعة تزخر بالناس وتتوقد بالأنوار الكهربائية، وإذا فيها «مائدة شاهي» طولها عشرون ذراعاً ... فلما استقر بنا المجلس قام الخطباء واحداً بعد واحد، فما تركوا شيئاً يُقال عن الوفد السوري وعن سوريا والعروبة إلا قالوه، ثم طلبوا إليّ أن أتكلم، فقمت مرغماً وهم يصفقون بأيديهم، وأنا أصفق بقلبي من الهيبة والسرور. حتى إذا علوتُ المنبر الذي أعدّوه للخطابة ذكرت أن خطيباً من خطبائهم سمّانا «أبناء الأعمام»، وآخر سألني عن مجد أمية، وثالثاً اعتزّ بالصحراء، ورابعاً أسِفَ على أنّا لا تظللنا رايةٌ حرة، فقلت:
يا أشبال الحرم ويا فتية الكعبة، ويا أبطال زمزم والحَطيم (?)، السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. لقد أكرمتمونا وتفضلتم علينا، وأنتم أكرم الناس وأنتم جيران الله وسَدَنة بيته وسكان حرمه، فلا عجب أن خرج الذهب من معدنه وظهر الدرّ في موطنه، فعليكم سلام الله، وسلام العروبة، وسلام الإسلام.
إنما قمتُ -أيها الطلاب الحجازيون- لأحمل إليكم «رسالة