فسُرَّ صاحب العمل وذهب به إلى القاطرة ليسوقها، فدُهش وارتبك وقال: أما هذه فلا أعرفها، ولكني كأبي ... وأفوقه بقوة الشباب، وأنت حليم!
فقال: إذن أنت تحذق تصليحها؛ فهَلُمَّ إلى المصنع.
ولم يكن رآه قبلُ فهالَهُ وأعظم ما فيه فقال: أما هذه فلا أعرفها، ولكني كأبي ... وأفوقه بقوة الشباب، وأنت حليم!
فقال: إذن أنت تبصر أمر الاختراع وترقيه، فهناك ...
فقطع عليه كلامه قائلاً: أما هذه فلا أعرفها، ولكني كأبي ... وأفوقه بقوة الشباب، وأنت حليم!
وما زال يعرض عليه كل عمل فيجيبه بالجواب نفسه، حتى برم به فقال له: أيها الغرّ الأحمق! لا السَّوق تعرفه، ولا التصليح تحذقه، ولا الاختراع تعلمه، فبماذا كنت كأبيك؟! وطرده.
* * *
قال المحدَّث: إنه ولد أبله رقيع! فمَثَلُ منْ هذا؟
قال: مَثَلُ المسلم؛ لا الصلاة يقيمها، ولا الأحكام يعرفها، ولا السنّة يَتبعها، ولكنه يقول: "إني مسلم كأبي وأفوقه بمعرفة الفنون والعلوم ... وفضل الله واسع! ". ولله المثل الأعلى.
ثم ذهبا فانقطع عني حديثهما.
* * *