بدأ في الشعر أيامَ الشباب من جديد.
ومهما يكن من أمر الوظيفة، فإنها لا تجعل الناس يقولون عن صاحبها: هذا مؤلف «خطط الشام» وهذا مؤلف «الجاحظ» و «المتنبي» ... ولو كان صاحبها وزيراً أو رئيس ديوان (?). وقد نسي التاريخ أو كاد ينسى ملوك اليونان وكبار موظفيها، ولكنه لن ينسى أبداً الشحّاد هوميروس، وقد نسي التاريخ -كما يقول تيوفيل كويته- اللآلئ التي في تاج الملك الأكبر لويس الرابع عشر، ولكنه لم ينسَ الرُّقَع التي في حذاء كورنيل!
فليهنأ سيدي الأستاذ وليهدأ بالاً، وليعكف على الأدب فالأدب سبيل الخالدين. وما دام يرى الأدب أُلْهِيَّة فَلْيَلْهُ به ما شاء أن يلهو. ولكنا -على رأينا- لا نراه لَهْواً أبداً، ولا نرى لَهْوَ الأستاذ إلا الجِدّ كل الجد. وإذا كان شعر جبري وأدب جبري هو ما يسميه الأستاذ جبري لهواً، فما خلافنا مع الأستاذ إلا خلافاً في اللفظ! (?)
* * *