فكان هذا الأدب مجموعة هذيانهم في أحلامهم.
أنا أراهن على أن أكثر الناس لا يدرون من أمر فلسطين إلا قليلاً ولا يعلمون عن نكبتها شيئاً، فلينظم الشعراء القصائد في نكبة فلسطين، وليتغنَّ المغنّون بشعر فلسطين، ولتؤلَّف اللجان في كل بلد عربي، في كل بلد مسلم لإنقاذ فلسطين، ثم انظروا ما يكون: مَن يقرأ هذا كله أو يسمعه ثم يقيم آمناً في داره يأكل ويشرب ويلهو ويلعب، ولا يقول لأولاده وبناته: اقتصدوا في نفقاتكم ووفّروا ما تشترون به الحياة لإخوانكم، لنجتزئ بالثوب عن الثوبين، وباللون من الطعام عن اللونين، ثم ندفع هذا وذاك ثمناً لحياة فلسطين ... وقد دفعه أجدادنا في حطين يقودهم صلاح الدين؟
لقد مرّ على دخول الإنكليز فلسطين خمس عشرة سنة، ودخول اليهود معهم، حشرات متعلقات بأذنابهم. أفما تكفينا خمس عشرة سنة (?) لنصحو من نومنا ونفتح عيوننا، فنبصر الماء يجري من تحتنا وبوادر النار من حولنا، والهوة السحيقة أمامنا نمشي إليها بأقدامنا؟ إن كل عربي وكل مسلم على وجه الأرض مسؤول عن نكبة فلسطين ومُلام إن قصر بالدفاع عنها. لم تأتِ الآن معركة الدم والحديد، فلنحارب بالمال، لنردّ عدوان اليهود بالفكر السديد، بالخُطَط المدروسة، بالاتحاد، وقبل هذا كله وبعد هذا كله بالعودة إلى الله، لأن العدوّ مهما كبر ومهما كبر مَن يعينه وينصره فالله أكبر، فمن كان مع الله لم يخَف أحداً.