كلمة صغيرة في الأخلاق
نشرت سنة 1933 (?)
كثيرون ممن أعرف يَلقونني بالبِشْر ويبذلون لي الود، ويبدون لي الإخلاص من نفوسهم، ويرون رأيي ويسدّدونه؛ حتى إذا سكنت إليهم واطمأننت وكشفت لهم دخيلة أمري وأرسلت نفسي على سجيّتها في الصراحة، ذهبوا يسمّعون بي وينشرون في الناس ما كشفت لهم من دخائل، بل ربما زادوا ولفَّقوا عليّ ما يصغّرني في عيون الناس! وإذا وقع في كلامي اسم إنسان فذكرته بخير أو بِشَرّ كتموا الخير فوَأَدوه، وأخذوا الشر فكبّروه ثم صبّوه في أذنه. وربما كان بين من نذكرهم -إذا أخذنا في النقد الأدبي- من له علينا في وظيفته سلطان، والنقد لا يعرف كبيراً ولا صغيراً ولا يؤلم أديباً حقاً ما دام نقداً حقاً، ولكن ما حيلتنا فيمَن يحرّفه فينقله سباباً على أنه نقد، وكذباً على أنه حقيقة، وسعاية على أنها نصيحة؟ وفيمن يسمع هذا كله فيحقده في نفسه ثم يجزينا به شراً؟ في حين أنّا بُرآء من كثير مما يُروَى عنّا، وما ذنبنا إلا العزلة وعزة النفس!