نشرت سنة 1932 (?)
ذهبت منذ أشهر إلى بيروت، فلما كنت في بعض الطريق وقف بنا القطار على محطة من المحطات منفردة على الطريق، كأنّما أُقيمت في هذا المكان الخالي لتغذّي القطار بالفحم لا لتنقل الركاب إلى مدينة كبيرة. وكنت نائماً من الضجر، فلما وقف القطار أفقت ونظرت من الشبّاك لأرى هذه القرية التي وقفنا عليها، فإذا هي المحطة وحدها، فأدرت بصري في ذلك الفضاء الواسع، فإذا هناك على سفح الجبل البعيد ظلال بيوت أو أكواخ تلوح لي حيال الأفق. وأنا قد اعتدت أن أرى من القرى ما لا يتجاوز العشرين بيتاً قائمة وسط البرية ليس فيها شيء من مظاهر الحياة الاجتماعية التي لا بد منها للرجل الحضري، فأعرضت عنها وكدت أعود إلى نومي حين صفر القطار وكاد يعود إلى مسيره، لولا أن شيئاً راعني ونفى عني رقادي، فقمت من مكاني كالمشدوه أحدق إليه لأتبيّن حقيقته ... وكان ذلك الشيء وجه صديقي فلان!
صديقي فلان؟ أتراه هو؟ لا. واقتربت منه وأنا بين مصدق