البواكير (صفحة 188)

من رسائل العطلة

نشرت سنة 1931 (?)

إلى صديقي «م»:

سأحدثك في هذه الرسالة جَمّ الأحاديث، ولكني لا أرتبها وأنمقها وأهيئ الأفكار التي سأفضي بها إليك، بل أسوق لك كل ما يخطر على بالي بأسلوب واضح بيّن، لا أبدل فيه كلمة بكلمة ما دامت الأولى وافية بالغرض دالّة على المعنى، وما أريد أن أبعث إليك بمباحث أدبية وعبارات شعرية، ولكن برسائل.

لا أدري من أين أبدأ أحاديثي الكثيرة التي تجيش بها نفسي، ويحق لي أن لا أدري، لأنني أصبحت أشعر في هذه الأيام بضيق في صدري عظيم، وتعب في جسمي مُضْنٍ، ولعل سبب ذلك اضطراب أفكاري وقلة العمل إبّان العطلة الصيفية. وأنت تعلم ما يداخل الشاب من وساوس وآلام إذا كان خالياً من عمل يملأ وقته ويستنفد جهده، وتعلم ما هي أضرار البطالة وأثرها في نفس صاحبها. وما أدري كيف يحسبها أناسٌ غايةَ السعادة، وما هي إلا غاية الشقاء ... لو كان للشقاء غاية!

طور بواسطة نورين ميديا © 2015