في استنكار الشرقي إلا أنه شرقي، ولا في اقتباس الغربي إلا أنه غربي، فإذا خالفتَهم وكشفت بنور دليلك عن سَوأة آرائهم، وأتيتهم بالحجّة الدامغة لا رَدّ لها واليقين المطلق لا شك معه، وخانهم المنطق والعقل، وضعوا أصابعهم في آذانهم وصاحوا بك أن: اسكت يا جامد!
وشَدَّ من أزرهم وأعانهم على أمرهم أن بعض الصحف والمجلات معهم، يحرّرها أناس منهم، قد أعطوا الشيطان عهداً أن لا ينصروا الدين بحال، وأن لا يدَّخروا وسعاً في مناوأته والنَّيل منه، فتراهم لا يتقاعسون عن رميك بالتعصب إذا أنت تمسكت بدينك وأقمت شعائره عن هَدي وبصيرة، ويتمسكون بكل ما جاء من أوربا عن تقليد واحتذاء، ولو كان سخافة وسفالة وتهتكاً وفجوراً، ويزعمون أنهم المتمدنون.
كأنّ التعصبَ -في رأيهم الفائل (?) ومنطقهم المنكوس- هو الإيمان بالله وملائكته وكتبه وأنبيائه، وإقام الصلاة وإيتاء الزكاة وصوم رمضان وحج البيت، وصدق المعاملة وحسن الأخلاق ... وهذا هو الإسلام. وكأن التمدّن هو الإلحاد والزندقة، وسفور النساء وعبادة الأزياء، وتبذير الأموال وسكنى القهوات، والمغازلة والغرام والسكر والعربدة، وصقل الخدين وتصفيف الشعر والرقص والتدخين ... وهذا ما هم فيه!
فأي الفريقين أهدى سبيلاً: المؤمنون أم الجاحدون؟ والرجال