هذه مدارسنا كما رأيتم، وهؤلاء أبناؤكم ذهبوا إلى مدارس الكفر والتبشير، وسيرجعون إليكم غرباء عنكم، على دينٍ غير دينكم، وملّةٍ غير ملتكم، ولغةٍ غير لغتكم. وأنتم؟ غافلون!
* * *
ولنترك المدارس قليلاً، لننظر إلى الطبقة الوسطى والدنيا من الناس: كيف حالها وما هو مبلغ تمسّكها بالدين؟
صليت الجمعة الماضية في جامع السادات (مسجد الأقصاب)، وهو -كما يعلم الناس- من المساجد الكبيرة في دمشق، فلما انقضت الصلاة وخرجنا وجدنا في صحن الجامع خمسة رجال مسلمين أقوياء أشدّاء لو أراد أحدهم حمل بغل لفعل، وهم جالسون يأكلون في بيت الله وصلاةُ الجمعة تقام، وهم يسمعون قراءة الإمام وأصوات الركوع والسجود ولا يصلّون، والناس يمرّون بهم كأنْ لم يكن في الأمر شيء! لا تَهيج فيهم حَميّة الإسلام، ولا يغارون على حرمات الله التي تُنتهَك في بيت الله أمام عباد الله!
أنا لا أعجب من صنع هؤلاء الأجلاف، وإنما أعجب من الناس: كيف لا يغضبون لله، ولا يزيلون المنكر من بيته وهم على إزالته قديرون! فأين هو الإسلام أيها الناس؟
أهو في المساجد؟ انظروا إلى «الأموي» بعد صلاة الجمعة وشاهدوا الناس كيف يتحدثون فيه عن أمور الدنيا، ويغتابون فيه الخلق، ويكذبون ويقسمون ويحنثون! في الأسواق؟ انظروا الباعة في سوق الحرير كيف يصفّفون شعورهم ويصقلون خدودهم