. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ـــــــــــــــــــــــــــــQإذا كانت النجاسة مقدار الدرهم.
وأما الفرض فهي ما إذا كانت النجاسة أكثر من قدر الدرهم، وأما السنة فهي ما إذا كانت النجاسة أقل من قدر الدرهم فالاستنجاء حينئذ سنة، وأما المستحب فهو ما إذا بال ولم يتغوط فإنه يغسل قبله دون دبره، وأما البدعة فهي ما إذا خرج من غير السبيلين شيء أو خرج ريح من دبره أو دودة فالاستنجاء فيه بدعة.
ثم إن المصنف أطلق كلامه ولم يبين أي نوع من الاستنجاء سنة، وكذلك لم يبين أنه بالماء أو بالحجر ونحوه. وفي " مبسوط شيخ الإسلام ": الاستنجاء نوعان نوع بالحجر والمدر، ونوع بالماء والاستنجاء بالحجر أو ما يقوم مقامه كالأعيان الطاهرة والعود والخرقة سنة، لأنه - عَلَيْهِ السَّلَامُ - فعله على سبيل المواظبة وكذلك الصحابة - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ - اتباع الماء أدب لأنه - عَلَيْهِ السَّلَامُ - كان يستنجي بالماء مرة وتركه أخرى وهو حد الأدب، وهكذا روي عن بعض الصحابة قال مشايخنا: إنما كان ذلك أدبا في الزمان الأول. وأما في زماننا سنة حتى قيل للحسن البصري: - رَحِمَهُ اللَّهُ - كيف يكون سنة وقد فعله - عَلَيْهِ السَّلَامُ - مرة وتركه أخرى، وكذا الصحابة كعمر وابن مسعود - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - فقال: إنهم كانوا يبعرون بعراً وأنتم تثلطون، ولا خلاف في الأفضلية. قلت: فعلى هذا قول المصنف الاستنجاء سنة محمول على الاستنجاء بالحجر ونحوه، ومع هذا تجاوزت النجاسة المخرج أكثر من قدر الدرهم لا يجوز إلا بالماء كما يصرح به عن قريب. قال الأكمل في هذا الموضع: وهو سنة لأن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - واظب عليه، والمواظبة على ذلك والترك دليل السنة.
قلت: من ذكر من الصحابة والتابعين أنه - عَلَيْهِ السَّلَامُ - ترك الاستنجاء في الجملة حتى قيد بهذا القيد، ولم ينقل الترك عنه - عَلَيْهِ السَّلَامُ -، وفي " الكافي ": أجاب عن هذا السؤال، وقال: والدليل أن المراد عدم الوجوب؛ لأن قدر الدرهم معفو يعلم أن الاستنجاء ليس بواجب.
وقال صاحب " الدراية " وفيه تأمل، فإن عند الخصم قدر الدرهم غير معفو، بل نقول: نفس المواظبة دليل السنة، وعدم الترك لم يثبت فلا يدل على الوجوب، وعدم فعل الترك لا يدل على عدمه.
قلت: الإشكال يأتي لأن المواظبة مع عدم الترك تدل على الوجوب، وقوله نفس المواظبة دليل السنة وعدم الترك لم يثبت فيه نظر، لأن نفس المواظبة قليل الوجوب، وإن لم يثبت عدم الترك لم يثبت الترك أيضاً، وذكر المواظبة من غير قيد يفهم منه الوجوب وإن كان نفس الأمر يحتمل الترك وعدمه، والاحتمال الثاني عند غيره دليل لا يعتبر ولا يترك دلالة صريح اللفظ بأمر