والاستنجاء سنة، لأن النبي - عَلَيْهِ السَّلَامُ - واظب عليه
ـــــــــــــــــــــــــــــQحال لبثه على الخلاء.
فإن قيل: فتركه مأمور به فكيف يسأل المغفرة قيل: المخرج إلى الخلاء من قبل نفسه، الثاني: استغفر خوفا من تقصيره في شكر نعمة الله تعالى من خلاصه من الأذى وغفرانك مصدر منصوب بتقدير: أسألك أو اغفر بغفرانك، وعن أميمة بنت رقيقة قالت: «كان له - عَلَيْهِ السَّلَامُ - قدح من عيدان تحت سريره يبول فيه بالليل» رواه أبو داود والنسائي والبيهقي، والعيدان بفتح العين المهملة، وواحدة عيدانة وهي النخل الطوال المتجردة.
م: (والاستنجاء سنة) ش: وبه قال مالك وابن سيرين وسعيد بن جبير والمزني، وقال الشافعي: واجب من البول والغائط وكل خارج ملوث من السبيلين وهو شرط في حصة الصلاة وبه قال أحمد والحسن وداود وأبو ثور، والخلاف مبني على عفو القليل من النجاسة وعدم عفوه، وقد تقدم م: (لأن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - واظب عليه) ش: أي على الاستنجاء، والدليل على مواظبته - عَلَيْهِ السَّلَامُ - أحاديث كثيرة.
منها ما رواه ابن ماجه في "سننه " من حديث عائشة - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا - قالت: «ما رأيت رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - خرج من غائط قط إلا مس ماء» ".
ومنها ما أخرجه أبو داود من حديث أبي هريرة - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - قال: «كان النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إذا أتى الخلاء أتيته بماء في تور أو ركوة فاستنجى ثم مسح يده على الأرض ثم أتيته بإناء آخر فتوضأ» .
ومنها ما أخرجه البخاري ومسلم من حديث أنس - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - «كان رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يدخل الخلاء فأحمل أن وغلام نحوي إدواة من ماء وعنزة فيستنجي بالماء» .
فإن قلت: مواظبة النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - على فعل يدل على وجوبه فكيف قال المصنف: الاستنجاء سنة؟، لأن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - واظب عليه فكان ينبغي أن يكون واجبا.
قلت: عادة المصنف على هذا الاصطلاح أنه يجعل مواظبته - عَلَيْهِ السَّلَامُ - دليلاً على السنة، لكن مراده السنة المؤكدة وهي في قوة الواجب، ولكنه ليس بواجب مطلقا بل تارة يكون واجبا وتارة يكون فرضاً وتارة يكون سنة وتارة يكون مستحبا وتارة يكون بدعة، وأما الواجب فهو ما