وقالوا: أكرم الخيل أجزعها من السوط، وأكيس الصبيان أشدّهم بغضا لكتّاب، وأكرم الصبايا أشدّها ولها إلى أولادها. وأكرم الإبل أشدها حنينا إلى [123 أ] أعطانها، وأكرم المهارة أشدها ملازمة لأمهاتها. وخير الناس أحب الناس للناس. وأفضل المماليك، الصغار لأنهم أسرع طاعة وأسرع قبولا.
وروي عن حليف بن جعفر الربعي «1» قال: أردت الخروج إلى أخوالي بخراسان. فقلت: والله لا خرجت حتى أجدّد لي على سيدي [عهدا] «2» . فدخل.
فو الله ما كان بين دخوله وخروجه إلّا لمحة لامح، فدخلت وسلمت فردّ السلام ورحب. فبأبي هو وأمي. ما رأيت أحدا أنس إلى أوليائه ومحبيه وشيعته منه.
فضاحكني سرورا منه بي. ثم قال: ما جاء بك يا حليف؟ قلت: بأبي أنت وأمي، إني أردت الخروج إلى خراسان لزيارة أخوالي. وإني جئت مستشيرا فأشر عليّ، وأوجز وأطل. فأنت أولى مني بنفسي، لعلي أتعظ بموعظتك ووصيتك، أن تداركني عند آناء الليل والنهار فتنجيني من الموبقات وتردّ عني المعضلات. فقال عليه السلام: أما إنك لتجاوز النهر الأغر والبلدة الملعونة، شرارها شرار الخلق، وخيارها كالتمر المعلق فوق عراجين النخل أمّا الناظر لا يناله من بعد. هيهات لا يدركه إلّا بفراق التراقي.
فإذا جاوزتها فلا تأسفنّ عليها. هذه بغداد. يوشك أن يبعث الله فيها غلاما منا أهل البيت «3» ولن يؤمن من أهلها إلّا القليل.
أما إنك ستجاوزها إلى بلد تقطع دونه آكاما وأودية حتى تبلغ مدينة يقال لها حلوان، شرارها كالذر وخيارها كالدر. يدفع الله من شرارها بخيارها.
أما إنك ستجاوز منها عقبة كؤودا تشرف على مدينة يقال لها همذان، شرارها شرار الخلق وخيارها كالشمس بين الغيم، إذا غابت لم يعرف مكانها وإذا