وقال أعرابي وقد سئل عن بلده: كيف لا أشتاق إلى رملة كنت رضيع غمامها وربيب طعامها.
وقالوا: السرور لزوم الأوطان وتآلف الجيران ومنادمة الإخوان.
وأنشدني صديق لي:
كفى حزنا أنّي ببغداد نازل ... وقلبي بأكناف الحجاز رهين
إذا عنّ ركب للحجاز استفزّني ... إلى من بأكناف الحجاز حنين
وتالله ما فارقتهم قاليا لهم ... ولكنّ ما يقضى فسوف يكون
وقال آخر:
بأكناف الحجاز هوى دفين ... يؤرّقني وقد هدت العيون
أحنّ إلى الحجاز وساكنيه ... حنين الإلف فارقه القرين
وأبكي حين يهدأ كلّ خلق ... بكاء بين زفرته أنين
وما جاران مؤتلفان إلّا ... ستفرق بين جمعهما المنون
وأنشد لأبي هلال الأسدي:
أشاقتك الشمائل والجنوب ... ومن علو الرياح لها هبوب
أتتك بنفحة من شيح نجد ... تضوّع والعرار بها مشوب
ومن بستان إبراهيم غنّت ... حمائم تحتها فنن رطيب
فقلت لها وقيت سهام رام ... ورقط الريش «1» مطعمها القلوب
كما هيجت ذا طرب حزينا «2» ... إلى أوطانه فبكى الغريب
وقالوا: إذا أردت أن تعلم وفاء الرجل ودوام عهده، فانظر إلى حنينه إلى أوطانه وتشوقه إلى إخوانه وبكائه على ما مضى من زمانه.