وقال جرير بن سيير «1» : قدمت الكوفة وقد انصرف علي بن الحسين من كربلاء، فرأيت نساء أهل الكوفة يلتدمن مهتكات الجيوب. فسمعت علي بن الحسين يقول بصوت صبي وقد نهكته العلة: ألا إنّ هؤلاء قتلونا.
ورأيت زينب بنت علي رضي الله عنها وقد أومأت إلى الناس أن انصتوا.
فارتدت الأنفاس وسكنت الأجراس، ثم قالت: الحمد لله والصلاة على نبيه. أما بعد يا أهل الكوفة. يا أهل الختل والخذل. فلا رقأت العبرة ولا هدأت الرنّة. إنما مثلكم كالتي نقضت غزلها من بعد قوة أنكاثا. تتخذون أيمانكم دخلا بينكم. ألا وهل فيكم إلّا الصلف والصدف والشنف. ألا ساء ما قدمت لكم أنفسكم ان سخط الله عليكم وفي العذاب أنتم خالدون. أتبكون؟ اي والله. فابكوا كثيرا واضحكوا قليلا. فلقد فزتم بعارها وشنارها ولن ترحضوها بغسل بعدها أبدا. وأنى ترحمون بعد قتل سليل خاتم الرسالة وسيد شبيبة أهل الجنة وملاذ خيرتكم ومفزع نازلتكم.
ألا ساء ما تزرون. تعسا ونكسا. فلقد خاب السعي وتبت الأيدي وخسرت الصفقة وبؤتم بغضب من الله وضربت عليكم الذلة والمسكنة. ويلكم أتدرون أي كبد لمحمد (صلى الله عليه وسلم) فريتم؟ وأي دم سفكتم؟ وأي حرمة له أضعتم؟ لقد جئتم شيئا إدّا.
تكاد السماوات يتفطرن منه وتنشق الجبال وتخر الجبال هدّا. ولقد أتيتم بها خرقاء شوهاء طلاع الأرض والسماء. فعجبتم أن قطرت السماء دما. فلعذاب الآخرة أخزى ولا تنصرون. فلا يستخفنكم المهل، فإنه لا يخاف فوت الثار. كلّا. إن ربك لبالمرصاد.
قال: فرأيت الناس حيارى ولهى قد ردّوا أيديهم في أفواههم.
ودخل اليقظان بن ظهير على عائشة فقالت: ممن أنت؟ فقال: من أهل الكوفة. فقالت: وددت أن الله سلّط على أهل الكوفة عذابا مثل عذاب يوم الظلة.
ولما قتل مصعب بن الزبير، وكانت امرأته سكينة بنت الحسين. أرادت