مشاعر المتكلمين وأحوالهم ونبضات قلوبهم، وغير ذلك من الانفعالات البشرية والآمال والآلام، التي لا تقف عند حد.

ومنها: إظهار التحسر، كما في قول الله تعالى حكاية عن امرأة عمران: {رَبِّ إِنِّي وَضَعْتُهَا أُنْثَى} (آل عمران: 36) فليس غرضها من هذا الخبر إعلام الله بمضمون هذا الخبر، ولا إعلامه تعالى بلازم الفائدة، وهو أنها تعلم بمضمون الخبر، وهو أنها وضعت أنثى، فالله تعالى أعلم بأن الوالدة أعلم من غيرها بما وضعت، وعليه فالغرض من هذا الخبر إظهار التحسر على خيبة رجائها، وعكس تقديرها، والتحزن إلى ربها؛ لأنها كانت ترجو وتقدر أن تلد ذكرًا يحقق رغبتها في خدمة بيت المقدس؛ حيث كانت خدمته خاصة بالذكور دون الإناث؛ ولذلك تحسرت على فوات هذا الغرض، وتستطيع أن تدرك هذا الغرض بسهولة ويسر في قول الشاعر مثلًا:

ذهب الصبا وتولت الأيام ... فعلى الصبا وعلى الزمان سلام

فالشاعر هنا يتحسر على أيام صباه وزهرة عمره التي ولت وأدبرت، وأسلمته إلى الشيخوخة، وهي تؤذن بدنو أجله وانقضاء حياته، فنغمة الحزن واضحة هنا في كلام الشاعر. ومن هذه الأغراض: إظهار الضعف والخشوع كقوله تعالى حكاية عن زكريا -عليه السلام: {رَبِّ إِنِّي وَهَنَ الْعَظْمُ مِنِّي وَاشْتَعَلَ الرَّأْسُ شَيْبًا} (مريم: 4) فليس قصده -عليه السلام- إفادة الحكم أو لازمه، فالله -سبحانه وتعالى- عالم بهما، وعلمه محيط بكل صغيرة وكبيرة في الكون بأسره، وإنما الغرض من الخبر هنا إظهار الضعف بين يدي الله سبحانه وتعالى. ومن هذا القبيل قول الشاعر:

إن الثمانين وبُلّغتها ... قد أحوجت سمعي إلى ترجمان

طور بواسطة نورين ميديا © 2015