الزجر عن المعاصي والترغيب في الطاعات، يعد من الآلاء والنعم؛ لأن التحذير من المعصية والزجر عنها نعمة منه تعالى؛ إذ ينجم عن التحذير والزجر ابتعاد المؤمن عن المعاصي وعدم اقترابه منها، كذا ذكره القزويني في (الإيضاح). من أغراض التكرار أيضًا: المبالغة في التحذير والتنفير، كما في قوله تعالى: {وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ} (المرسلات: 15) التي تكررت في سورة المرسلات عقب جملة من القصص والتذكير بنعمه تعالى؛ حيث أعقب كل قصة بهذا الوعيد: {وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ}، وفي هذا ما فيه من التنفير والتحذير.
ومنها: الحث على التذكر والتدبر وأخذ العظة والعبرة، كما في قوله: {وَلَقَدْ يَسَّرْنَا الْقُرْآنَ لِلذِّكْرِ فَهَلْ مِنْ مُدَّكِرٍ} (القمر: 17). ومنها: أن يكرر اللفظ لطول في الكلام، كما في قوله تعالى: {ثُمَّ إِنَّ رَبَّكَ لِلَّذِينَ هَاجَرُوا مِنْ بَعْدِ مَا فُتِنُوا ثُمَّ جَاهَدُوا وَصَبَرُوا إِنَّ رَبَّكَ مِنْ بَعْدِهَا لَغَفُورٌ رَحِيمٌ} (النحل: 110). ومن صور الإطناب: الإيغال، وهو ختم الكلام شعرًا أو نثرًا بما يفيد فائدة يتم المعنى بدونه، كما في قول الخنساء:
وإن صخرًا لتأتم الهداة به ... كأنه عَلم في رأسه نار
فقولها: "في رأسه نار" إطناب؛ لأنها شبهت أخاها صخرًا بالعلم وهو الجبل المرتفع المعروف، ووجه الشبه هو الاهتداء في كلٍّ، وقد تم التشبيه عند قولها: "كأنه علم" فختمت البيت بما يفيد قوة المبالغة في التشبيه؛ إذ النار في رأس الجبل تزيده وضوحًا وانكشافًا، وهذا أدعى لتمام الهداية وكمالها.