المتقدمة بغير أداة، والقصر عندئذ طريق "إنما" والتقديم والتعريف بأل، أما العطف بـ"لا" فلتأكيد القصر.
وقد تجتمع "إنما" وضمير الفصل أو التعريف بأل، فيقال: إنما الجواد أنت، إنما العالم هو محمد؛ إذ المقصور عليه بالتعريف أو بضمير الفصل هو الخالي من أل، والمقصور عليه بـ"إنما" هو المؤخر، فلا تناقض في بناء العبارة كما ترى، بل إن طريقي القصر يؤكد كل منهما الآخر، فإن قلت: إنما أنت الجواد، إنما محمد هو العالم، تدافع الطريقان، ولو جعلت ضمير الفصل أو التعريف للتأكيد وتقوية الحكم وتقريره فلا تدافع؛ إذ يكون القصر مدلولًا عليه بإنما، والتعريف وضمير الفصل مؤكدان له، وقد تجتمع طريق "إنما" وطريق التقديم كقولك: إنما زيد أكرمت، وإنما بهذا أمرتك، وإنما عليك المعول، وعندئذ يتحتم إلغاء دلالة أحد الطريقين على القصر ويبقى الآخر؛ وذلك لأنه لا يمكن أن يلائم بين طريق إنما وطريق التقديم؛ إذ المقصور عليه بـ إنما هو المؤخر والمقصور عليه في التقديم هو المقدم، الذي يحدد ذلك هو السياق وقرائن الأحوال وما يقتضيه المعنى.
4 - أن الأصل في طريق النفي والاستثناء أن يُستعمل فيما شأنه أن يجهله المخاطب وينكره، والأصل في إنما أن تستعمل فيما شأنه أن يعلمه المخاطب ولا ينكره، وقد يأتيان على خلاف ذلك على سبيل التنزيل، هذا وقد صرح الشيخ عبد القاهر بأن أفضل مواقع إنما هو التعريض؛ لأنها فيه أقوى ما تكون وأعلق ما ترى بالقلب، فقد علمت أن الحكم الذي تستعمل فيه إنما من شأنه أن يكون معلومًا لا يجهله أحد، ولا ينكره منكر؛ لذلك امتازت عن بقية طرق القصر بأنها تُستعمل في كلام لا يكون الغرض منه إفادة الحكم للعلم به، وإنما يكون الغرض التلويح به إلى معنى آخر على سبيل التعريض، تقول لمن يهمل في مدارسة العلم