قد تفوق في هذه الصفة وبلغ فيها الغاية إلى درجة جعلتك لا تعتد بأي صفة أخرى غيرها.
أما القصر الإضافي: فالمنفي فيه محدد وليس عامًّا، تقول: زهيرٌ شاعر لا كاتب، فتقصر زهيرا على الشعر وتنفي عنه الكتابة -إفرادًا أو قلبًا أو تعيينًا- حسب اعتقاد المخاطب. هذا وعند التحقيق والتأمل، تجد أن القصر الإضافي بأنواعه الثلاثة؛ إما أن يكون تحقيقيًّا، وإما أن يكون ادعائيًّا، لأن قولك: حاتم جواد لا علي، إذا كان مطابقًا للواقع بمعنى أن يكون حاتم هو الكريم فعلًا وعلي هو البخيل؛ كان القصر تحقيقيًّا، وإن كان عليٌّ كريمًا، ولكنك لم تعتد بكرمه لأمر ما؛ فجعلت حاتما هو الجواد دونه؛ كان القصر ادعائيًّا مبنيًا على المبالغة، وكذا القول في قصر الموصوف على الصفة، كقولك: زهير شاعر لا كاتب، إن كان فعلا لا يجيد الكتابة ولا يعرف طرقها وفنونها كان القصر تحقيقيًّا، وإن كان يعرفها ولكنك لا تعتد بتلك المعرفة لكونه في الشعر أفصح وأبلغ؛ كان القصر مبنيًا على الادعاء والمبالغة.
إلى هنا نتوقف لنستكمل -بمشيئة الله تعالى- في اللقاء التالي باقي الكلام عن أسلوب القصر؛ هذا الأسلوب الغني بالاعتبارات اللطيفة -كما ذكرنا، وكما رأينا.